عناصر الخطبة
1 يوم العيد يوم الجوائز
2 عظمة التكبير
3 الحكمة من مشروعية العيد
4 الفرح بعيد الفطر
5 شكر الله على توفيقه للطاعات
6 التسامح والتصالح وترك الهجر والتقاطع وفضيلة العفو
7 صيام ست من شوال
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ، الْمُتَعَالِي عَنِ الْمَثِيلِ وَالنَّظِيرِ(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشوري:11]، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الْبَشِيرُ النَّذِيرُ، وَالدَّاعِي إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ، وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ.
اللهُ أَكْبَرُ كَبِيراً، وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ وَأَطِيعُوهُ-أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ وَلاَ تَعْصُوهُ ، وَخُذُوا حَظَّكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا، وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ عِيدٍ جَدِيدٍ يُبْعِدُكُمْ عَنْ دُنْيَاكُمْ وَيُقَرِّبُكُمْ مِنْ أُخْرَاكُمْ، فَتَزَوَّدُوا مِنْ دَارِ فَنَائِكُمْ مَا يَكُونَ سَبَباً لِفَوْزِكُمْ فِي دَارِ بَقَائِكُمْ: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ )[غافر:39].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ الْجَوَائِزِ، فَالْيَوْمَ يَفْرَحُ مَنْ صَامَ فَصَانَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى فَأْحَسَنَ الصَّلاَةَ وَالْقِيَامَ، وَأَدَّى سَائِرَ الطَّاعَاتِ بِصِدْقٍ وَاتِّبَاعٍ وَيَقِينٍ، فَهَنِيئاً لِمَنْ كَانَ مِنَ الْمَقْبُولِينَ، فَكُتِبَ فِي الْمَرْحُومِينَ، وَيَالَتَعَاسَةِ الْمَطْرُودِينَ، السَّائِرِينَ فِي رِكَابِ الْمَحْرُومِينَ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27]، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَوْمَ عِيدٍ، فَوَجَدَهُ يَأْكُلُ خُبْزاً فِيهِ خُشُونَةٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَوْمُ عِيدٍ وَخُبْزٌ خَشِنٌ ؟!
فَقَالَ رضي الله عنه: «الْيَوْمَ عِيدُ مَنْ قُبِلَ بِالأَمْسِ صِيَامُهُ وَقِيَامُهُ، عِيدُ مَنْ غُفِرَ ذَنْبُهُ، وَشُكِرَ سَعْيُهُ، وقُبِلَ عَمَلُهُ، الْيَوْمَ لَنَا عِيدٌ، وَغَداً لَنَا عِيدٌ، وَكُلُّ يَوْمٍ لاَ نَعْصِي اللهَ فِيهِ فَهُوَ لَنَا عِيدٌ».
عِبَادَ اللهِ:
تَضِجُّ الأَرْضُ الْيَوْمَ بِالتَّكْبِيرِ، وَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ كَلِمَةٍ لَوْ عَقَلْنَاهَا! فَاللهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلاَ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، فَالسَّمَاوَاتُ بِعَظَمَتِهَا، وَالْجِبَالُ بِصَلاَبَتِهَا، وَالأَرْضُ بِسَعَتِهَا، وَالْبَحرُ وَمَا حَوَى، وَالْبَرُّ وَمَا آوَى، وَالْجَوُّ وَمَا أَوْعَى، وَالْمَلاَئِكَةُ عَلَى عَظِيمِ خَلْقِهِمْ، وَالشَّمْسُ عَلَى عَظِيمِ نُورِهَا، وَالْقَمَرُ عَلَى جَمَالِ خَلْقِهِ، مَا هِيَ إِلاَّ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ، وَاللهُ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ، فَمَنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَتَجَبَّرُ عَلَى رَبِّهِ وَيَتَكَبَّرُ؟! (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء:111].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ، وَتَفَضُّلِهِ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ الْفَاضِلَةِ الْمُبَارَكَةِ أَنْ شَرَعَ لَهَا الْعِيدَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ:
عِيدَ الْفِطْرِ وَعِيدَ الأَضْحَى، وَجَعَلَ عِيدَهَا الأُسْبُوعِيَّ الْجُمُعَةَ، وَهَدَاهَا لِهَذِهِ الأَعْيَادِ الْمُبَارَكَةِ بَعْدَ أَنْ ضَلَّتْ عَنْهَا الأُمَمُ الضَّالَةُ، وَجَعَلَ الْعِيدَيْنِ الْحَوْلِيَّيْنِ عِوَضاً وَبَدَلاً عَنْ أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَعْيَادِهَا، رَوَى أَنَسٌ -رضي الله عنه- فَقَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ، وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟!»، قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-:«إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا؛ يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ].
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
عِبَادَ اللهِ:
وَمَنْ مِثْلُكُمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالصَّبَاحِ الْجَمِيلِ؟ مُدَّتْ أَعْمَارُكُمْ وَأُفسِحَ لَكُمْ فِي آجَالِكُمْ، فَخَتَمْتُمُ الشَّهْرَ وَأَكْمَلْتُمُ الْعِدَّةَ، وَأَتْمَمْتُمُ الصِّيَامَ وَفُزْتُمْ بِالْقِيَامِ، وَاعْتَمَرَ مِنْكُمْ مَنِ اعْتَمَرَ، وَاعْتَكَفَ مَنِ اعْتَكَفَ، وَقَرَأْتُمُ القُرْآنَ، وَتَصَدَّقْتُمْ وَبَرَرْتُمْ، وَفَطَّرْتُمُ الصَّائِمِينَ، وَأَطْْعَمْتُمُ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ، وَسَاهَمْتُمْ فِي مَشْرُوعَاتِ الْخَيْرِ، وَدَعَمْتُمْ بَرَامِجَ الدَّعْوَةِ، فَحُقَّ بِذَلِكَ أَنْ يَتِمَّ فَرَحُكُمْ، وَأَنْ يَكْتَمِلَ سُرُورُكُمْ، وَأَنْ تَظْهَرَ بَهْجَتُكُمْ؛ فَتَلْبَسُوا الْجَدِيدَ وَتَسْعَدُوا بِالْعِيدِ؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58]، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [رَوَاهُ الشَّيْخَانِ]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنََّ رَسُولَ اللََّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]، وَقَدْ صُمْتُمْ أَيَّامَ رَمَضَانَ، وَقُمْتُمْ لَيَالِيَهُ، فَهَنِيئاً لِمَنْ تَقَبَّلَ اللهُ عَمَلَهُ، وَالْعَزَاءُ لِمَنْ رَدَّهُ اللهُ عَلَيْهِ.
إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ:
إِنَّ مِنْ عَظِيمِ الأَعْمَالِ فِي هَذَا الْيَوْمِ: أَنْ تَتَصَافَى الأَرْوَاحُ، وَتَتَعَانَقَ النُّفُوسُ، فَنَصِلَ أَرْحَاماً قَصَّرْنَا فِي وَصْلِهَا، وَنَتَعَاهَدَ جِيرَاناً غَفَلْنَا عَنْهُمْ، وَنُخَلِّصَ نُفُوساً مِنْ أَسْبَابِ الشَّحْنَاءِ، بِكَلِمَةٍ لَيِّنَةٍ وَابْتِسَامَةٍ تُشْرِقُ بِالإِخَاءِ؛ فَلاَ مَكَانَ لِلتَّخَاصُمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلْتَكُنْ أَعْيَادُنَا مَقَابِرَ التَّشَاحُنِ وَالْحِقْدِ الدَّفِينِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].
إِنَّ فَرْحَةَ الْعِيدِ تَتَجَلَّى فِي اجْتِمَاعِ الأَبْدَانِ، وَتَصَافُحِ الأَيْدِي وَالأَعْنَاقِ، لَكِنَّ الْفَرْحَةَ لَنْ تَتِمَّ، وَالْعِيدَ لَنْ يَزْدَانَ إِلاَّ بِاجْتِمَاعِ الْقُلُوبِ، وَتَصَافِي النُّفُوسِ، أَلاَ فَلْيَكُنْ شِعَارُنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]، فَيَا لَهَا مِنْ فُرْصَةٍ لِلتَّوَاصُلِ وَالتَّسَامُحِ، فَنَعْفُو عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْنَا، وَنَنْبِذُ عَنْ قُلُوبِنَا الْحَسَدَ وَالْبَغْضَاءَ، وَنُعِيدُ لِوُجُوهِنَا الْبَهْجَةَ وَالصَّفَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الْعِيدِ؛ فَمَتَى يَكُونُ؟!.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
نَفَعَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالْهَدْيِ الْكَرِيمِ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ مَنْ شَاءَ لِطَاعَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- فَمَنِ اتَّقَاهُ حَفِظَهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ.أَلاَ إِنَّهُ فِي الْعِيدِ تَتَقَارَبُ الْقُلُوبُ، فَهَذِهِ الأُمَّةُ تَبْلُغُ أَوْجَ عِزِّهَا وَتَنَالُ كَمَالَ قُوَّتِهَا كُلَّمَا أَزْهَقَتْ رُوحَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَتَآلفَتِ الْقُلُوبُ وَالأَرْوَاحُ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلاَ:(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران:103].
عِبَادَ اللهِ:
حُقَّ لَكُمْ أَنْ تَفْرَحُوا بِعِيدِكُمْ بَعْدَ أَنْ مَنَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْكُمْ بِتَمَامِ شَهْرِكُمْ، وَأَدَاءِ مَا أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ، فَالْعِيدُ عِيدُ الْمُسْلِمِينَ الصَّائِمِينَ.بِرُّوا وَالِدِيكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَتَعَاهَدُوا جِيرَانَكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى خَدَمِكُمْ، وَلاَ تَبْخَسُوهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَأَدْخِلُوا عَلَيْهِمُ الْفَرَحَ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ، وَخَفِّفُوا عَنْهُمُ التَّكَالِيفَ، وَأَعِينُوهُمْ إِذَا كَلَّفْتُمُوهُمْ، وَأَزِيلُوا الشَّحْنَاءَ مِنْ قُلُوبِكُمْ، وَأَصْلِحُوا بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ فِيكُمْ، وَكُونُوا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى إِخْوَانًا مُتَآلِفِينَ مُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلاَ تَنْسَوْا إِخْوَانَكُمُ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، أَدُّوا لَهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِكُمْ، وَخُصُّوهُمْ بِصَالِحِ دُعَائِكُمْ، فَإِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، ابْتَلاَهُمُ اللهُ تَعَالَى وَعَافَاكُمْ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَاشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى عَلَى عَافِيَتِهِ. وَاعْبُدُوا اللهَ فِي رَمَضَانَ وَبَعْدَ رَمَضَانَ، وَرَاقِبُوهُ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ وَالأَحْيَانِ، فَمَا أَشَدَّ حَاجَتَكُمْ إِلَيْهِ!! وَهُوَ الْغَنِيُّ سُبْحَانَهُ عَنْكُمْ.
وَأَتْبِعُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ: تَكُونُوا كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ؛ فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ – رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ اتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ قَدَّمَ الْقَضَاءَ عَلَى سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ، أَعَادَهُ اللهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ، وَتَقبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَمِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ صَالِحَ الأَعْمَالِ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ