موقع الشيخ عبدالغفار العماوي

أدعو إلى الله على بصيرة

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

خطبة عيد الفطر مكتوبة

 عناصر الخطبة

1- الحكمة من مشروعية العيد

2- رحيل رمضان

4 -التسامح والتصالح وترك الهجر والتقاطع وفضيلة العفو

5- عزة المسلم في التمسك بالدين

6- موعظة للمرأة المسلمة

7- ترك العمل بعد رمضان

8- صيام الست


الْحَمْدُ للهِ الَّذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طَرِيقَ الْعِبَادَةِ وَيَسَّرَ، وَجَعَلَ لَهُمْ عِيداً يَعُودُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ إِكْمَالِ صِيَامِهِمْ وَيَتَكَرَّرُ، وَوَاصَلَ لَهُمْ مَوَاسِمَ الْخَيْرَاتِ لِيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ الَّذِي لاَ يُحْصَرُ، فَمَا انْقَضَى شَهْرُ الصِّيَامِ إِلاَّ وَأَعْقَبَهُ أَشْهُرَ الْحَجِّ إِلَى بَيْتِهِ الْمُطَهَّرِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَدَ وَيُشْكَرَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً تُؤَمِّنُ صَاحِبَهَا يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَالْكَوْثَرِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ السَّادَةِ الْغُرَرِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ وَالْمَحْشَرِ.

 

أَمَّا بَعْـدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنْ شَكَرَهُ زَادَهُ وَأَرْضَاهُ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ فِي عُـلاَهُ: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 4-5].

 

أَلاَ إِنَّ تَقْوَى اللهِ أَكْرَمُ نِسْبَةٍ      تَسَامَى بِهَا عِنْدَ الْفَخَارِ كَرِيمُ

 

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

اشْكُرُوا اللهَ عَلَى نِعَمِهِ الْكُبْرَى، وَآلائِهِ الْعُظْمَى، حَيْثُ تَنْعَمُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِعِيدِ الْفِطْرِ الْمُبَارَكِ بَعْدَ إِتْمَامِ شَهْرِ الصَّوْمِ، فَالْفَرَحُ بِفَضْلِ اللهِ، وَالاِبْتِهَاجُ بِرَحْمَتِهِ، وَالسُّرُورُ بِعَطَائِهِ،  أَعْظَمُ مَا يَفْرَحُ بِهِ الْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَكَيْفَ لاَ يَفْرَحُ، وَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي رَحْمَةِ اللهِ، وَيَنْهَلُ مِنْ جُودِ رَبِّهِ وَمَوْلاَهُ؟!؛ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58]، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ].

 فَمَا أَوْسَعَ كَرَمَ اللهِ سُبْحَانَهُ حِينَ يَخْتَارُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ خَيْرَ الأَيَّامِ، وَيَرْبِطُهَا بِخَيْرِ الْمَوَاسِمِ وَالْعِبَادَاتِ، وَللهِ دَرُّ القَائِلِ:

 

أَنْتَ الْكَرِيمُ فَلَـوْلاَ رَحْمَةٌ   سَبَقَتْ       لَمْ يُعْطَ شَرْبَةَ  مَاءٍ  جَاحِدٌ  عَـاصٍ

تُعْطِي بِغَيْرِ حِسَـــابٍ لاَ تَضِنُّ  وَلاَ       يَغِيبُ لُطْفُكَ عَنْ دَانٍ وَعَنْ قَـــاصٍ

وَجَنَّةُ الْخُلْدِ  تُعْطِيهَا  لِمَنْ  حَمَلُوا       عِبْءَ الْحَقِيقَةِ فِي  صَبْرٍ  وَإِخْلاَصٍ

 

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

إِخْوَةَ الإِيمَانِ:

لَقَدْ وَدَّعَ الْمُسْلِمُونَ بِالأَمْسِ شَهْرَ الْقُرُبَاتِ، وَقَدْ تَنَافَسُوا فِيهِ بِالْخَيْرَاتِ، فَعَمُرَتِ الْمَسَاجِدُ بِالْمُصَلِّينَ وَالْمُتَهَجِّدِينَ، وَاسْتَنَارَتِ الْقُلُوبُ بِتِلاَوَةِ الْقُرْآنِ الْمُبِينِ، وَأُنْفِقَتِ الأُلُوفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وُصِلَتِ الأَرْحَامُ، وَأُطْعِمَ الطَّعَامُ، وَأُرْغِمَ الشَّيْطَانُ أَيَّمَا إِرْغَامٍ، حِينَ تَقَرَّبَ الْمُسْلِمُونَ لِرَبِهِّمْ بِصَالِحِ الْعَمَلِ، وَانْحَسَرَ مِنْهُمُ الْعِصْيَانُ وَالزَّلَلُ، وَتَحَقَّقَ فِيهِمْ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، [ البقرة:183] فَمَا أَسْعَدَ مَنْ أَلَحَّ عَلَى رَبِّهِ بِالسُّؤَالِ، بِقَبُولِ تِلْكَ الأَعْمَالِ، فَأَكْرَمَهُ الْمُوْلَى سُبْحَانَهُ بِالْقَبُولِ وَعَظِيمِ النَّوَالِ!، وَيَا لمَصِيبَةَ مَنْ أُغْلِقَ دُونَهُ الْبَابُ، فَلَمْ يَحْظَ بِقَبُولِ اللهِ التَّوَّابِ!، وَأَعْظِمْ بِهِ مِنْ مُصَابٍ!، يَقُولُ عَلِيٌّ رضي الله عنه : «كُونُوا لِقَبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اهْتِمَاماً مِنْكُمْ بِالْعَمَلِ، أَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27]»؟!.

 

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ الأعْيَادَ لَمْ تُشْرَعْ فِي مِلَّةِ الإِسْلاَمِ إِلاَّ لإِظْهَارِ البَهْجَةِ وَالسُّرُورِ، وَإِذْهَابِ وَغَرِ الصُّدُورِ، وَلإِبْرَازِ شَعائِرِ الإِسْلاَمِ، وَشُكْرِ المَوْلَى ـ جَلَّ جَلاَلُهُ ـ عَلَى مَا أَوْلَى مِنَ الإِنْعَامِ، فَصِلُوا فِي هَذا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ أَرْحَامَكُمْ، وَزُورُوا إِخْوَانَكُمْ، وَأَشْعِروا بِفَرْحَةِ الْعِيدِ جِيرَانَكُمْ، وَاجْبُرُوا ضُعَفَاءَكُمْ، وَأَعِينُوا فُقَرَاءَكُمْ، وَأَصْلِحُوا أَحْوَالَكُمْ؛ لِتَدْخُلَ الفَرْحَةُ كُلَّ بَيْتٍ، وتَمْلأَ البَهْجَةُ كُلَّ قَلْبٍ مُسْلِمٍ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وبَيْنَ أَخِيهِ عَدَاوَةٌ أَوْ شَحْنَاءُ، أَوْ خُصُومَةٌ أَوْ بَغْضَاءُ؛ فَلْيَضَعْ يَدَهُ فِي يَدِهِ، وَلْيَغْسِلْ مَا قَدْ عَلِقَ فِي قَلْبِهِ؛ حَذَراً مِنْ سَدِّ أَبْوَابِ الْقَبُولِ، وَخَوْفاً مِنِ ارْتِهانِ الأَعْمَالِ فِي سُلَّمِ الْوُصُولِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْناءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا».


أُمَّةَ الإِسْلاَمِ:

إِنَّ التَّمَسُّكَ بِدِينِ اللهِ تَعَالَى، عَقِيدَةً وَعِبَادَةً وَأَخْلاَقاً؛ لَيَكْفُلُ لِلْمُسْلِمِينَ الْحَيَاةَ الْكَرِيمَةَ، حَيَاةَ الْعِزَّةِ وَالإِبَاءِ وَالْكَرَامَةِ، وَلاَ أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سِيرَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، وَسِيرَةِ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ رضي الله عنهم، فَقَدْ كَانُوا قَبْلَ الْبَعْثَةِ قِلَّةً لاَ تَأْبَهُ بِهِمُ الأُمَمُ، لَكِنَّهُمْ مَا إِنِ اسْتَمْسَكُوا بِدِينِهِمْ، وَعَظَّمُوا شِرْعَةَ رَبِّهِمْ، حَتَّى سَادُوا النَّاسَ عِزَّةً بَعْدَ الذُّلِّ، وَتَقَدُّمَا بَعْدَ التَّأَخُّرِ، وَصَارُوا أَعَزَّ أُمَّةٍ، وَسَاسَةً لِلْعَالَمِ، وَإِنَّ الدِّينَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ أُولَئِكَ الأَخْيَارُ، لاَ يَزَالُ مَحْفُوظاً بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ الْهَادِي الْمُخْتَارِ صلى الله عليه وسلم، فَلَوْ تَمَسَّكَتِ الأُمَّةُ الْيَوْمَ بِكِتَابِ رَبِّهَا، وَاسْتَنَّتْ بِهَدْيِ نَبِيِّهَا صلى الله عليه وسلم، لَصَلُحَتْ أَحْوَالُهَا، وَاسْتَعَادَتْ مُقَدَّسَاتِهَا، وَانْدَحَرَ حُسَّادُهَا وَأَعْدَاؤُهَا، يَقُولُ اللهُ سَبْحَانَهُ: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج:40-41].

 

إِذَا شِئْتَ أَنْ تَرْضَى لِنَفْسِكَ مَذْهَباً      تَنَالُ بِهِ الزُّلْفَى  وَتَنْجُو  مِـنَ النَّــارِ

فَــدِنْ بِكِـتَابِ  اللهِ  وَالسُّنَّــةِ  الَّتِي       أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ مِنْ نَقْلِ أَخْيَارِ


اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَاتُ الْكَرِيمَاتُ:

شَكَرَ اللهُ سَعْيَكُنَّ، وَتَقَبَّلَ الْمَوْلَى طَاعَتَكُنَّ، وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَاكُنَّ، أَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهَ، وَأَحْسِنَّ إِلَى أزْوَاجِكُنَّ، وقُمْنَ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلاَدِكُنَّ وَالإِحْسَانِ إِلَى جِيرَانِكُنَّ، تَمَسَّكْنَ بِقِيَمِ الدَّينِ الْقَوِيمِ، وَتَخَلَّقْنَ بِأَخْلاَقِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَاهْتَدِينَ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ، عَلَيْهِ أفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيمِ، وَاقْتَدِينَ بِسِيرَةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ: تُفْلِحْنَ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الدِّينِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» [أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ]. 

تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ صَالِحَ الْعَمَلِ، وَحَطَّ عَنَّا الأَوْزَارَ وَالزَّلَلَ، وَوَقَانَا عَذَابَ الْجَحِيمِ، وَيَسَّرَ لَنَا دُخُولَ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، بِرَحْمَتِهِ إِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.


الخطبة الثانية


الْحَمْدُ للهِ ذِي الْمَكَارِمِ وَالإِحْسَانِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى الإِفْضَالِ وَالاِمْتِنَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَهُوَ عَظِيمُ الشَّانِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُؤَيَّدُ بِالسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَ الْجَدِيدَانِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ مَعْشَرَ الأَخْيَارِ، وَتَجَمَّلُوا بِالطَّاعَةِ فَإِنَّهَا خَيْرُ شِعَارٍ، وَاعْلَمُوا أَنَّ فَرَحَنَا لَنْ يَكْتَمِلَ، وَسُرُورَنَا لاَ يَتِمُّ، وَإِذَا كُنَّا فِي أَمْنٍ وَاسْتِقْرَارٍ، وَأُنْسٍ وَارْتِيَاحٍ، فَإِنَّ لَنَا إِخْوَاناً يَعِيشُونَ حَيَاةَ الْهَمِّ وَالْعَنَاءِ، وَيُكَابِدُونَ الذُّلَّ وَتَسَلُّطَ الأَعْدَاءِ، وَإِنَّ الوَاجِبَ عَلَيْنَا أَنَّ نَدعوا الله لَهُمْ، مُبْتَهِلِينَ إِلَى اللهِ أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَهُمْ، وَأَنْ يَكْبُتَ أَعْدَاءَهُمْ، وَأَنْ يَبُثَّ الْبَهْجَةَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ  رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

 

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

 

مَعَاشِرَ الأَخْيَارِ:

إِنَّهُ لَمِنَ الْمُؤْسِفِ حَقًّا، أَنْ يُوَفَّقَ أُنَاسٌ لِعَمَلِ الطَّاعَةِ، وَالتَّزَوُّدِ مِنَ الْخَيْرِ، ثُمَّ إِذَا مَا انْتَهَى رَمَضَانُ نَقَضُوا مَا أَبْرَمُوا، وَهَدَمُوا مَا بَنَوْا، وَتَرَكُوا الطَّاعَةَ وَعَادُوا لِلْمَعْصِيَةِ، بَلِ الْوَاجِبُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَالاسْتِمْرَارُ عَلَى العِبَادَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ( [الحجر:99].

 

عِبَادَ اللهِ:

 أُذَكِّرُكُمْ وَأُذَكِّرُ نَفْسِي بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَإِنَّ صِيَامَهَا مِنْ عَظِيمِ الأَعْمَالِ، فَمَا أَجْمَلَ الطَّاعَةَ تَعْقُبُهَا الطَّاعَةُ!، وَأَكْرِمْ بِالْحَسَنَاتِ تَتْبَعُهَا الْحَسَنَاتُ!، فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]

 اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

 اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا.

 اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْمُوَحِّدِينَ

خطبة عيد الفطر مكتوبة


عن الكاتب

عبدالغفار العماوي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع الشيخ عبدالغفار العماوي