موقع الشيخ عبدالغفار العماوي

أدعو إلى الله على بصيرة

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون |خطبة الجمعة مكتوبة

 الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيم، جَلَّ رَبُّنَا وَتَبَارَكَ بِسُلْطَانِهِ القَدِيم، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَفْعَلُ مَا يُرِيد، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد، الحَكَمُ العَدْلُ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِه، الحَيُّ القَيُّومُ العَزِيزُ الحَمِيد.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْد:

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ الله، وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ السُّوءَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة، وَجَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا.

عِبَادَ الله: رَبُّنَا سُبْحَانَهُ عَلِيمٌ بِعِبَادِهِ مُطَّلِعٌ عَلَى أَحْوَالِهِم، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِهِم، فَهُوَ مَالِكُ الـمُلْكِ، المُدَبِّرُ المُتَصَرِّفُ الَّذِي بِيَدِهِ الأَمرُ كُلُّه، يَرْفَعُ وَيَخْفِض، وَيَقْبِضُ وَيَبْسُط، وَيُعِزُّ وَيُذِلّ، أَحَقُّ مَنْ ذُكِر، وَأَحَقُّ مَنْ عُبِد، وَأَنْصَرُ مَنِ ابْتُغِي، وَأَرْأَفُ مَنْ مَلَك، وَأَجْوَدُ مَنْ سُئِل، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى، يَبْتَلِي عِبَادَهُ لِيَرْفَعَهُم، وَيَمْنَعُهُمْ لِيُعْطِيَهُم، وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ لِيُوَسِّعَ لَهُم، أَفْعَالُهُ كُلُّهَا خَيْرٌ وَرَحْمَة، وَأَقْضِيَتُهُ جَمِيعُهَا عَنْ عِلْمٍ وَحِكْمَة.

كَمْ مِنْ أَمْرٍ ظَنَّهُ الإِنْسَانُ شَرًّا لِمَا فِيهِ مِنَ الآلَام، إِلَّا أَنَّ عَاقِبَتَهُ كَانَتْ خَيْرًا، لِذَا قَالَ الله: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا.

يَقُولُﷺ: «عَجَبًا لِأَمْرِ المُؤْمِن، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْر، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِن، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَر، فَكَانَ خَيْرًا لَه، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَر، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِم.

اُنْظُرْ إِلَى أَصْحَابِ الأُخْدُود، النَّارُ مُتَأَجِّجَة، وَزَبَانِيَةُ الظَّالِمِ يُلْقُونَ المُؤْمِنِينَ فِيهَا وَاحِدًا تِلْوَ الآخَرِ حَتَّى الأَطْفَالَ، يُلْقُونَهُمْ بِلَا رَحْمَة، قَدْ قَصَّ اللهُ لَنَا خَبَرَهُم، ثُمَّ قَال: وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الرَّقِيبُ العَلِيم، الحَكِيمُ الحَلِيم، يُمْلِي لِلظَّالِمِ لِحِكَمٍ يَعْلَمُهَا، ثُمّ يَأْخُذُهُ بِأَخْذِهِ الأَلِيمِ الشَّدِيد.

قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ: «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثُمَّ قَرَأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ.

عِبَادَ الله: لَـمَّا رَجَعَ مُهَاجِرَةُ الحَبَشَةِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَال: «أَلا تُحَدِّثُونِي بِأَعْجَبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ» قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُم: يَا رَسُولَ الله! بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوس، مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاء، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثمَّ دَفعهَا عَلَى رُكْبَتِهَا فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَت، التَفَتَتْ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَت: سَتَعْلَمُ يَا غُدَرُ! إِذَا وَضَعَ اللهُ الكُرْسِيّ، وَجَمَعَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِين، وَتَكَلَّمَتِ الأَيْدِي وَالأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون، فَسَوْفَ تَعْلَمُ أَمْرِي وَأَمْرَكَ عِنْدَهُ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِﷺ: «صَدَقَتْ ثُمَّ صَدَقَت، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللهُ قَوْمًا لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِم مِّنْ شَدِيدِهِمْ». أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِه.

لَكَمْ هِيَ الأَحْدَاثُ الَّتِي تَقَعُ فِي كُلِّ وَقْت، تُشْبِهُ ذَلِكَ الحَدَث! ويَبْقَى أَهْلُ الإِيمَانِ الصَّادِقِ وَاليَقِينِ الثَّابِت، فَلِمَاذَا ثَبَتُوا؟ لِمَاذَا يَثْبُتُ أَهْلُ الإِيمَانِ أَمَامَ عَوَاصِفِ المِحَن، وَلَا يُسِيئُونَ الظَّنَّ بِرَبّهِم؟ لِمَاذَا لَا يَدُبُّ إِلَى قُلُوبِهِمُ القُنُوطُ وَاليَأْس؟

إِنَّمَا يَثْبُتُونَ لِأَنَّهُمْ يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ فِي دَارِ البَلَاءِ وَالِامْتِحَان، وَأَنَّ اللهَ هُوَ القَائِلُ عَنْ نَفْسِه: الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ.

يَثْبُتُونَ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَة، فَهُوَ يَعْلَمُ المُؤْمِنَ مِنَ الكَافِر، وَالصَّادِقَ مِنَ الكَاذِب، وَالمُصْلِحَ مِنَ المُفْسِد، قَالَ تَعَالَى: وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ * وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.

يَثْبُتُونَ لِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ وُقُوعَ البَلَاءِ يَتَمَيَّزُ بِهِ الصَّادِقُ مِنَ الكَاذِب، وَالمُؤْمِنُ مِنَ المُنَافِق، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ، وقال تعالى: ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ.

فَكَمْ فِي صُفُوفِ المُؤْمِنِينَ مِنْ خَبِيثٍ مُنَافِق، يَتَلَوَّنُ تَلَوُّنَ الحِرْبَاء، وَيَأْكُلُ عَلَى كُلِّ مَائِدَة، هُمْ أَخْطَرُ مِنَ الكُفَّارِ أَنْفُسِهِم، لِذَا كَانَ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ البَاهِرَةِ أَنْ يُقَدِّرَ المِحَنَ وَالبَلَاءَ لِيُطَهِّرَ الصُّفُوف، وَيُمَحِّصَ القُلُوب.

قَالَ سُبحَانَهُ: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ.

وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ.

المُؤْمِنُونَ يَثْبُتُونَ لِأَنَّهُمْ صَادِقُونَ فِي طَلَبِ الجَنَّة، وَمَا أَكْثَرَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ طَلَبَهَا! لَكِنْ مَنِ الَّذِي يَصْدُقُ وَيُجَاهِدُ وَيَصْبِر؟ قَالَ تَعَالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ.

يَثْبُتُونَ لِأَنَّهُمْ يُوقِنُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ الـمُقْسِطُ الحَكِيمُ العَلِيم، المُنَزَّهُ عَنِ العَبَثِ وَالجَهْلِ وَالظُّلْم، لَهُ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا هُو، أَفْعَالُهُ كُلُّهَا غَايَةُ الحِكْمَةِ وَالإِحْكَام، وَالكَمَالِ وَالجَمَال، وَلِذَا لَا يَتَّهِمُونَ رَبَّهُمْ فِي شَيْءٍ قَضَاه، فَكَمْ كَانَ الأَمْرُ فِي ظَاهِرِهِ شَرًّا، لَكِنَّ عَاقِبَتَهُ كَانَتْ خَيْرًا عَظِيمًا.

يَثْبُتُونَ وَهُمْ مُطْمَئِنُّون، لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا لَيْسَتْ دَارَ الجَزَاء، وَأَنَّ اللهَ قَدْ يُعَاقِبُ الظَّلَمَةَ المُجْرِمِينَ فِي الدُّنْيَا، إِلَّا أَنَّ الجَزَاءَ الأَوْفَى يَوْمَ القِيَامَة، حَيْثُ يُوَفِّيهِمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوص.

عِبَادَ اللهِ: سَيَقْضِي المَلِكُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ خَلْقِه، وَسَيَحْكُمُ الدَّيَّانُ بَيْنَ عِبَادِه، وَحِينَهَا سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون.

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ.

وَقَضَاؤُهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ بَيْنَ العِبَادِ فَحَسْب، بَلْ حَتَّى بَيْنَ البَهَائِمِ العَجْمَاء، رَأَى النَّبِيُّ ﷺ شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرّ: هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَان؟ قَالَ لَا. قَالَ: لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

فَإِذَا كَانَ هَذَا قَضَاءَ اللهِ بَيْنَ شَاتَيْن، فَهَلْ تَحْسَبُهُ يَتْرُكُ قَتَلَةَ الأَطْفَالِ وَالنِّسَاء؟ هَلْ تُرَاهُ لَا يُحَاسِبُ الظَّلَمَةَ المُجْرِمِين؟.

يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «يَأْتِي المَقْتُولُ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِإِحْدَى يَدَيْه، مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِيَدِهِ الأُخْرَى تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ العَرْش، فَيَقُولُ المَقْتُولُ لله: رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِلْقَاتِل: تَعِسْتَ. ويُذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ». أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.

حِينَئِذٍ تَشْفَى صُدُورُ المُؤْمِنِينَ حَقًّا، عِنْدَمَا يَتَّكِئُونَ عَلَى الأَرَائِكِ فِي الجَنَّة، يَنْظُرُونَ إِلَى الكَفَرَةِ الفَجَرَة، الظَّلَمَةِ القَتَلَة، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي جَهَنَّم، العَذَابَ المُهِينَ الأَلِيم. قال تعالى: فَاليَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيم، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيم، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوه، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ حَقَّ حَمْدِه، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيّهِ وَعَبْدِه، أَمَّا بَعْد. فَاتّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى.

إِخْوَةَ الإِسْلَام: أَهْلُ الإِيمَانِ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ كَلِمَةَ اللهِ هِيَ العُلْيَا، وَأَنَّ اللهَ مُتِمٌّ نُورَه، وَمُظْهِرٌ دِينَه، وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُون، وَأَنَّ هَذَا الدِّينَ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَار.

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَار، وَلَاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَاَ وَبَر، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيل، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلَاَم، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الكُفْر». أَخْرَجَهُ أَحْمَد.

وَقَالَ ﷺ: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالدِّينِ وَالرِّفْعَة، وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّان.

إِنَّهُمْ يُوقِنُونَ أَنَّ اللهَ سَيَدْحَرُ اليَهُودَ المُجْرِمِينَ يَوْمًا مَا، عَلَى أَيْدِي المُجَاهِدِينَ المُؤْمِنِين، دُحُورًا لَا قِيَامَ بَعْدَه، فَكِيَانُهُمْ إِلَى زَوَال، وَسَيَعُودُ الأَقْصَى إِلَى رِحَابِ المُؤْمِنِينَ يُصَلُّونَ فِيهِ آمِنِين، شَاكِرِينَ لِرَبِّ العَالَمِين.

إِنَّهُ ذَاكَ اليَوْمُ الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْهُ نَبِيُّنَا ﷺ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُود، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَر، فَيَقُولُ الحَجَرُ أَوِ الشَّجَر: يَا مُسْلِم! يَا عَبْدَ الله! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْه، إِلَّا الغَرْقَد، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ».أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا. 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْمُوَحِّدِينَ. 

ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون |خطبة الجمعة مكتوبة


عن الكاتب

عبدالغفار العماوي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع الشيخ عبدالغفار العماوي