موقع الشيخ عبدالغفار العماوي

أدعو إلى الله على بصيرة

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

ألا إن نصر الله قريب |خطبة الجمعة مكتوبة

 الحَمْدُ للهِ مُعِزِّ الإِسْلَامِ بِنَصْرِه، وَمُذِلِّ الشِّرْكِ بِقَهْرِه، وَمُصِّرِفِ الأُمُورِ بِأَمْرِه، وَمُسْتَدْرِجِ الكَافِرِينَ بِمَكْرِه، الَّذِي جَعَلَ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ بِفَضْلِه، وَأَظْهَرَ دِينَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَقُدْوَتِنَا وَقَائِدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله، أَكْمَلَ السَّلَامِ وَالصَّلَاة، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِه، وَمَنْ نَصَرَ دِينَهُ وَاهْتَدَى بِهُدَاه.

أَمَّا بَعْد: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

عِبَادَ اللهِ: إِنَّ الأُمَّةَ الإِسْلَامِيَّةَ جَسَدٌ وَاحِد، مَهْمَا تَنَاءَتْ أَقْطَارُه، وَتَبَايَنَتْ أَجْنَاسُهُ وَأَلْوَانُه، وتَبَاعَدَتْ دِيَارُهُ، فَالمؤمِنُونَ أُمَّةٌ وَاحِدَة، يُوَالِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ويَرْحَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَفْرَحُ أَحَدُهُمْ لِفَرَحِ أَخِيه، كَمَا يَأْلَمُ وَيَحْزَنُ لِمُصَابِهِ وَأَلَمِه، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَه: {وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض، وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». [أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ].

أَيُّهَا المُؤْمِنُون: إِنَّ اللهَ هُوَ الوَلِيُّ وَالنَّصِير، النَّصْرُ مِنْهُ وَبِيَدِه، هُوَ مَنْ يُؤَيِّدُ، وَيَنْصُرُ المُؤْمِنِينَ مِنْ عِبَادِه، وَلَا يَمْلِكُ مَخْلُوقٌ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا، وَلَا لِغَيْرِهِ عِزًّا وَلاَ نَصْرًا، فَالمَنْصُورُ مَنْ نَصَرَهُ الله، وَالمَغْلُوبُ مَنْ خَذَلَهُ الله.

لَقَدْ اتَّخَذَ النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُون، فَكَانَتْ بُيُوتُهُمْ أَوْهَى مِنْ بَيْتِ العَنْكَبُوت, قَالَ الله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}.

أَمَّا المُؤْمِنُون، فَشِعَارُهُمْ وَعُنْوَانُ حَيَاتِهِمْ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: «اللهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُول، وبِكَ أَصُول، وَبِكَ أُقَاتِل». [أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد]. يُوقِنُونَ بِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَه: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيم}. وَبِقَوْلِهِ سُبْحَانَه: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُون}.

وَاللهُ هُوَ النَّصِيرُ لِأَنَّهُ وَحْدَهُ الَّذِي يَمْلِكُ القُوَّةَ وَالقُدْرَةَ المُطْلَقَة، وَلَهُ الخَلْقُ وَالأَمْر، مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا.

وَاللهُ هُوَ النَّصِيرُ لِأَنَّ الأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا وَمَا فِيهَا، وَالسَّماوَاتُ وَمَا عَلَيْهَا وَمَا فِيهَا، كُلُّ هَذَا فِي قَبْضَتِه، وَطَوْعُ أَمْرِه، فَلَهُ جُنُودٌ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو، يُرْسِلُ الرِّيحَ، وَيُعَذِّبُ بِالصَّيْحَة، وَيُزَلْزِلُ الأَرْضَ، وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ، وَيَقْذِفُ الحِجَارَةَ مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُود.

قَالَ الله: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}.

عِبَادَ الله: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَضَعْفِ يَقِينِهِمْ بِاللهِ سُبْحَانَه، وَلِمَا يَرَوْنَهُ مِنْ تَسَلُّطِ أَعْدَاءِ الله، قَدْ يَظُنُّ أَنَّ الكَلِمَةَ صَارَتْ أَبَدًا لِلْكُفَّار، وَأَنَّ المُسْلِمِينَ قَدْ حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِالهَزِيمَةِ أَبَدَ الدَّهْرِ، وَهَذَا سُوءُ ظَنٍّ بِالله.

فَمَا أَهْوَنَ الكُفَّارَ عَلَى اللهِ العَظِيمِ الكَبِير، إِنَّهُمْ فِي قَبْضَتِه، نَوَاصِيهِمْ بِيَدِه، وَلَا يُعْجِزُونَه، أَلَيْسَ هُوَ القَائِلَ سُبْحَانَه: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ}.

أَلَمْ يَقْضِ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالذِّلَّةِ وَالخِزْيِ وَالصَّغَارِ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ وَحَارَبَ دِينَه؟ فَقَالَ سُبْحَانَه: {فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الخِزْيَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون}.

وَأَيُّ قَوْمٍ أَحْرَى بِالخِزْيِ مِنَ اليَهُودِ الَّذِينَ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةَ وَالمَسْكَنَة، حَيْثُ قَالَ اللهُ فِيهِم: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}.

هَؤُلَاءِ اليَهُودُ، شُذَّاذُ الآفَاقِ، وَقَتَلَةُ الأَنْبِيَاءِ، الَّذِينَ حَرَّفُوا كُتُبَ الله، وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَشَرَّدَهُمْ وَأَذَلَّهُم، وَجَعَلَهُمْ آيَةً لِلْعَالَمِين.

أَيُّهَا المُؤْمِنُون: إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبُ المَنَال، لَيْسَ شَيْئًا مُسْتَحِيلًا، وَلَا أَمْرًا مِنْ ضُرُوبِ الخَيَال، أَلَمْ يَقُلْ رَبُّنَا سُبْحَانَه: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ}.

إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ عَزِيزٌ حَكِيم، يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ وَعِزَّتِه، مَتَى شَاءَ سُبْحَانَه، فَلَا يَعْجَلُ بِعَجَلَةِ عِبَادِه، وَلَرُبَّـمَا أَخَّرَ النَّصْرَ لِحِكَمٍ بَاهِرَةٍ لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا هُوَ عَزَّ شَأنُه. قَالَ الله: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}.


وَقَدْ يُؤَخِّرُ اللهُ النَّصْرَ لِأَنَّ الأُمَّةَ لَمْ تُحَقِّقْ بَعْدُ أَسْبَابَه، فَإِنَّ اللهَ شَرَطَ لِلنَّصْرِ شُرُوطًا وَجَعَلَ لَهُ أَسْبَابًا، فَإِنْ لَمْ تُحَقِّقِ الأُمَّةُ ذَلِك، فَأَنَّى لَهَا النَّصْر!

أَلَا وإِنَّ أَوَّلَ هَذِهِ الأَسْبَابِ وَأَعْظَمَها الإِيمَانُ بِاللهِ وَتَوْحِيدُه، وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ وَحْدَه، وَصِدْقُ اللُّجُوءِ إِلَيْه، وَالتَّبَرُّؤُ مِنَ الحَوْلِ وَالقُوَّة، حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِين}. فَأَيُّ نَصْرٍ يَرْجُوهُ المُتَشَكِّكُونَ وَالمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ رَيْب؟! وَعَلَى قَدْرِ إِيمَانِ العَبْدِ يَكُونُ تَأْيِيدُ اللهِ وَنَصْرُهُ وَمَدَدُه.

لِذَا لَا تَتَعَلَّقُ قُلُوبُ المُوَحِّدِينَ إِلَّا بِرَبِّ العَالَمِين، فَبِهِ يَسْتَغِيثُون، وَبِهِ يَسْتَنْصِرُون.

ثُمَّ الجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَل، فَمَنْ نَصَرَ دِينَ اللهِ تَوَلَّاهُ اللهُ وَنَصَرَه، فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم}.

إِنَّهُ قَضَاءُ اللهِ الَّذِي لَا يَتَبَدَّل: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}.

لَقَدْ وَقَفَ نَبِيُّنَا ﷺ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ يَقُولُ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْه: «إِنِّي رَسُولُ الله، وَلَسْتُ أَعْصِيه، وَهُوَ نَاصِرِي». [أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ].

مَنْ نَصَرَ أَمْرَ اللهِ عَلَى شَهَوَاتِ نَفْسِه، فَحَرَّرَ نَفْسَهُ مِنَ الرِّقّ، وَصَارَ عَبْدًا خَالِصًا مُخْلِصًا لله، لَا تَسْتَرِقُّهُ الدُّنْيَا بِزَخَارِفِهَا وَزِينَتِهَا، وَلَا تَسْتَرِقُّهُ رَغَبَاتُهُ المُحَرَّمَةُ, نَصَرَه اللهُ. 

وَالمُوقِنُ بِذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَلَمَّسَ النَّصْرَ فِيمَا يُسْخِطُ اللهَ تَعَالَى الَّذِي قَال: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}.

إِنَّ النَّصْرَ لَا يَمْنَحُهُ اللهُ لِلْبَطَّالِينَ الجُبَنَاءِ، وَلَا لِلْخَوَّارِينَ الضُّعَفَاءِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَالُ المُؤْمِنِينَ الصَّبْرَ وَالثَّبَاتَ، وَالِاسْتِعَانَةَ بِالوَلِيِّ النَّصِير، كَمَا قَالَ سُبْحَانَه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيـُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ}.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيم، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيم، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوه، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.


الخطبة الثانية

الحَمْدُ لله، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ الله، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاه.

أماَ بَعْد:فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى.

أَيُّهَا المُؤْمِنُون: إِنَّ المُؤْمِنَ الفَطِنَ الَّذِي عَرَكَتْهُ الأَيَّامُ وَالحَوَادِثُ، لَا يَسْمَعُ لِإِرْجَافِ المُرْجِفِين، وَلَا يَغْتَرُّ بِمِثَالِيَّةِ المُتَعَجِّلِين، بَلْ يَتَأَنَّى وَلَا يَعْجَل، وَكُلُّهُ ثِقَةٌ فِي مَوْعُودِ الله، فَإِنَّ كَلِمَةَ اللهِ هِيَ العُلْيَا، وَحَتْمًا سَيَعُودُ الأَقْصَى شَامِخًا عَزِيزًا عَلَى أَسِنّةِ الرِّمَاح، مُطَهَّرًا مِنْ رِجْسِ المُحْتَلِّينَ الغَاصِبِينَ.

أَيُّهَا المُؤْمِنُون: يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِم، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُه». [أَخْرَجَهُ مُسْلِم].

إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَتَخَلَّى وَلَا يَخْذُلُ إِخْوَانَهُ أَبَدًا، بَلْ يُقَدِّمُ كُلَّ مَا يَسْتَطِيعُ لِنُصْرَةِ إِخْوَانِه. يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُم، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُم، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُم، يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ». [أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد]. وَلِذَا فَالصَّادِقُ فِي خَوْفِهِ عَلَى إِخْوَانِهِ يُحَوِّلُ ذَلِكَ إِلَى عَمَلٍ، فَيَدْعُو لَهُم، وَيَتَصَدَّقُ لِإِغَاثَتِهِم، وَيُوَالِي وَلِيَّهُم، وَيُعَادِي عَدُوَّهُم.

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. 

اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا. 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْمُوَحِّدِينَ

ألا إن نصر الله قريب / خطبة الجمعة مكتوبة


عن الكاتب

عبدالغفار العماوي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع الشيخ عبدالغفار العماوي