الحمد لله المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، أحاط بكل شيء علما وهو على كل شيء شهيد، خلق الخلق بقدرته، وقهرهم بعزته، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، بشّر وأنذر وحذر يوم الوعيد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
بمحمد حرف البيان يعظم
وله المقام الاعلى الاعظم
والله ماخلق الاله كمثله
فبربكم صلوا عليه وسلمُوا
أيها المسلمون:
ان ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمه،
ولا إله غيره،
من اعتصم به هُدي إلى صراط مستقيم،
ومن استعان به واستعاذ أوى إلى ركنٍ شديدٍ.
نزَّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين.
أعظم ما تتعلق به القلوبُ رجاؤُه.
وأعذب ما تلهجُ به الألسُنُ ذكرُه ودعاؤُه.
سبحانه وتقدس وتبارك لا شفاء إلا شفاؤه.
خلق الأجسادَ وعللَها، والأرواحَ وأسقامَها، والقلوبَ وأدواءَها، والصدورَ ووسواسَها.
أيها الإخوة المؤمنون: ان صلاح الجسد مرتبطٌ بصحة المعتقد، فحين يضعف وازعُ الإيمان، ويختل ميزانُ الاعتقاد تختلطُ الحقائق بالخرافة، وتنتشر الخزعبلات والأوهام، ويفشو الدجل والشعوذة
*أيها المسلمون عباد الله:
إن من القضايا التي يجب تردادها، والمسائل التي ينبغي تعدادها، هي قضايا التوحيد، وإسلام الأمر لله العزيز الحميد، التوحيد هو الحقيقة الكبرى، التوحيد هو الحقيقة الكبرى، والقضية الأقوى، فهو أصل الدين وأساس النبوات، ومعقد لواء الرسالات.
*﴿ وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِیۤ إِلَیۡهِ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ ﴾[الأنبياء : ٢٥]*
وقالَ تعالى: *﴿ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ﴾[الذاريات : ٥٦]*
وقالَ: *﴿ وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِی كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُوا۟ ٱلطَّـٰغُوتَۖ ﴾[النحل : ٣٦]*
عباد الله .. أتحدث إليكم اليوم عن موضوع خطير للغاية .. فيه تدمير للأسر والمجتمعات .. وفيه نصب واحتيال واكل لأموال الناس بالباطل ..
وإن من الأثام الشنيعة، والجرائم الكبيرة، والمزالغ الخطيرة، في باب التوحيد والعقيدة، السحر والشعوذة.
وهو عنوان خطبتنا لهذا اليوم المبارك سائلين المولى القدير ان يرزقنا الاخلاص والتوفيق والاعانه فمن لا يستعين بالله لا يعان.
السحر وما أدراك ما السحر، إنه قرين الكفر، وناقض من نواقض الإسلام، من تعاطاه وعمل به، فهو كافر بالله -عزَّ وجلَّ-، خالدٌ مخلدٌ في نار جهنم، وقانا الله وإياكم شره، ودفع عنا وعنكم ضره.
قال الله:- *﴿ وَٱتَّبَعُوا۟ مَا تَتۡلُوا۟ ٱلشَّیَـٰطِینُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَیۡمَـٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَیۡمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّیَـٰطِینَ كَفَرُوا۟ یُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَیۡنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَۚ وَمَا یُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ یَقُولَاۤ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةࣱ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَیَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا یُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَیۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَاۤرِّینَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَیَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمۡ وَلَا یَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ﴾[البقرة : ١٠٢]*
*أيها المسلمون:-*
هل يجرُأُ بعد هذه الآيات، هل يجرُأُ بعد سماع هذه الآيات، من في قلبه حبة خردل من إيمان، أن يتعلم ٱلسِّحۡرَ، أو يتعاطاه، أو يلجأ للسِّحۡرَ ليشتري ما ليشتري، ما يوبق دنياه وأخراه.
ونبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يحذرنا ويقول
« اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ،... » الحديث متفق عليه.
ان السحر داءٌ خطير، وشرٌ مستطير، له حقيقة خفية، وضرر محقق، يهدم البيوت، ويتلف الجسد، ويخرب البيوت، ويقطع الأرحام، ويورد النار، فيه تدمير للأسر والمجتمعات،
وفيه نصب واحتيال، وأكل لأموال الناس بالباطل، وهذا مايلجأ إليه خبثاء النفوس وضعفاء الايمان.
من أعمى الجشع وطمع عيونهم وقلوبهم فأصبح همهم هو جمع المال همهم هو ادخال المال الى جيوبهم بأي طريقة من الطرق الخبيثة والمحرمة حتى وإن كان عن طريق السحر والدجل والشعوذات.
فيا خبثاء النفوس وعديمي الضمائر أتريدون جمع المال بطريقة دجلكم وكذبكم وشعوذاتكم.
خبتم وخسئتم فقد توعدكم الله بعذابه فقال (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخره من خلاق)
نصب واحتيال، وأكل لأموال الناس بالباطل، بل فيه ما هو أعظم من ذلك، وهو الكفر بالله -عزَّ وجلَّ-، وهدم الدين، ونسف العقيدة والتوحيد،
فيا من تذهب للمشعوذين والسحرة والدجالين
يا من تتعامل بشعوذت والطلاسم ألم تعلم بأنك بعملك هذا قد كفرت بالله وخرجت من دين الله؟
حتى لو صلى الرجل خمسين سنة، واعتمر مئات المرات، وحج عشرات المرات.
ثم صدق بالسحر، وتعامل به حبطت اعماله كلها، وكفر بما أُنزِلَ على محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لذا فقد اتفقت الشرائع السماوية، على تحريم السحر، وسماه الله كفرا، وحذر منه في القرآن الكريم، ولم يجعل لصاحبه في الآخرة نصيبا ولا حظا، قال الله:- *{وَلَقَدۡ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ﴾[البقرة : ١٠٢]*
يقول الإمام الذهبيُ رحمه الله: فترى خلقاً كثيراً من الضلال، يدخلون في السحر ويظنون أنه حرام فقط، وما يشعرون أنه الكفر وما يشعرون أنه الكفر، والخروج من الإسلام والعياذ بالله.
*أيها المؤمنون:-*
السحر والشعوذات
هو بضاعة الشيطان، وله تأثير في القلوب والأبدان، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه، إلى غير ذلك من الأخطار والأضرار.
*السحر:-*والشعوذات والكهانة
يلجأُ إليه ضعاف الإسلام والإيمان، طمعاً في الأموال، أو طرداً للاوهام، وبغياً على عباد الله، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله.
*السحر:-*
بغيٌ ومكر، وخبث وظلم، والساحر يظلم نفسه، ويغضب ربه، ويخسر دينه، ويوقع نفسه في سخط الله ومقته.
*وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ*
الساحر والمشعوذ والدجال مفسدٌ فاجر، سيءٌ الحال، خبيث الفعال، قبيح الخصال، دائم الذلة، ملازم للفقر والقلة، قد نزعت من قلبه الرحمة، وباع نفسه للشيطان، وأوبق دنياه وآخرته.
*(وَلَا یُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَیۡثُ أَتَىٰ)*
لا تجد ساحراً اومشعوذاً سعيدا أبدا، وإن أوهم الناس بجلب السعادة لهم، ولا تجد ساحراً أو مشعوذاً غنيا، وإن خدعهم بدفع الفقر عنهم، فالساحر والمشعوذ والدجال من أعظم المفسدين، في الأرض، الساحر من أعظم المفسدين في الأرض.
*﴿ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئۡتُم بِهِ ٱلسِّحۡرُۖ إِنَّ ٱللَّهَ سَیُبۡطِلُهُۥۤ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُصۡلِحُ عَمَلَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ ﴾[يونس : ٨١]*
حكم الساحر:
السحرة حكمهم في دين الله القتل، تطهيراً للأرض من رجسهم، ووقاية للمسلمين من شرهم، لأنهم من المفسدين في الأرض.
فهل تسمعون يا من زلتم في بداية الطريق ماهو جزاؤكم؟
قال الله:-
*﴿ إِنَّمَا جَزَ ٰۤؤُا۟ ٱلَّذِینَ یُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن یُقَتَّلُوۤا۟ أَوۡ یُصَلَّبُوۤا۟ أَوۡ تُقَطَّعَ أَیۡدِیهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَـٰفٍ أَوۡ یُنفَوۡا۟ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَ ٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡیࣱ فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ ﴾[المائدة : ٣٣]*
أسمعت عبد الله، أن الذين يسعون في الأرض فَسَادا، جزاؤهم القتل والصلب، والعياذ بالله، والسحرة والدجالين والمشعوذين من أعظم المفسدين في الأرض.
ولهذا جاء عن جندب -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:- حد الساحر ضربةٌ بالسيف، _رواه الامام الترمذي_« حدُّ السَّاحرِ ضربةٌ بالسَّيفِ».
وفي صحيح البخاري : كتَب عُمَرُ بن الخطاب، « أن اقتُلوا كلَّ ساحرٍ وساحرة، قال: فقتَلْنا ثلاثَ سواحِر »
وجاء عن حفصة -رَضِيَ اللَّهُ عنْها-، أنها أمرت بقتل جاريةٍ لها سحرتها، فقتلت.
وجاء عند _الطبراني بسند صحيح_ عن أبي عثمان النهدي، أن ساحراً كان يلعبُ عندَ الوليدِ بنِ عقبةَ، فكان يأخذُ السَّيفَ، ويذبحُ نفسَهُ ويعمل كذا ولا يضرُّهُ، فقامَ جندُبٍ إلى السَّيفَ، فأخذَه فضربَ عنُقَهُ
- ثمَّ قرأَ : *«أفتأتونَ السِّحرَ وأنتُمْ تبصِرون »*
قال أبو بكر الجصاص: اتفق السلف، على وجوب قتل الساحر، أسمعت عبد الله، اتفق السلف على وجوب قتل الساحر، لأنه من المفسدين في الأرض، حتى تطهر الأرض من أرجاسهم، ومن أفعالهم القبيحة
فهل بعد هذه النصوص والوعيد
من يريد أو يقدم على تعلم السحر والشعوذات والدجل
فقد تجد أن من هؤلاء المشعوذين من ينصَّب نفسه طبيبًا شعبيًّا، أو راقيًا، وهو لايجيد قراءه الفاتحة ليأكل أموال الناس بالباطل، وربما استعان بالشياطين الذين لا يخدمونه إلا إذا كفر بالله، وأشرك بالله عز وجل، ثم يحاول هؤلاء المشعوذون أن ينقلوا الشرك والكفر إلى غيرهم، ويستغلون حاجات المرضى في ذلك، فيأمرون من يأتيهم لطلب العلاج، يأمرونهم بأمورٍ شركيةٍ، وقد حذرنا رسول الله من هذه المور التي تهوي بنا الى النار والعياذ بالله.
أخرج الإمام أحمد في “مسنده” عن طارق بن شهابٍ ، أن رسول الله قال: دخل الجنة رجلٌ في ذبابٍ، ودخل النار رجلٌ في ذبابٍ، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟! قال: مر رجلان على قومٍ لهم صنمٌ لا يجوزه أحدٌ حتى يقرب إليه شيئًا، فقالوا لأحدهما: قَرِّب، قال: ليس عندي شيءٌ أقربه، فقالوا له: قرب ولو ذبابًا، فقرب ذبابًا، فخلَّوا سبيله فدخل النار، وقالوا للآخر: قَرِّب، قال: ما كنت لأقرب لأحدٍ شيئًا دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة.
وفي “صحيح مسلمٍ” عن عليٍّ أن النبي قال: لعن الله من ذبح لغير الله.
فاحذروا عباد الله، احذروا من إتيان هؤلاء المشعوذين الدجالين؛ فإن الإنسان قد يذهب إليهم بدينه، ويرجع منهم ولا دين له.
فمن زعم أنه يعلم الغيب ، أو أن أحدًا يعلم الغيب، فقد جاء بناقض من نواقض الإسلام ، وخرج بذلك من الإيمان ، لأنه نازع الله في الربوبية ، وفي حق انفرد به سبحانه.
أيها المؤمنون عباد الله ، ولما ضعف التوحيد في قلوب بعض الخلق، لجؤوا إلى العرافين والمنجمين والكهان،
ليتعلمو منهم السحر والدجل والشعوذات
أو سؤالهم عن أي شيء.
أيها المؤمنون عباد الله، لقد حذرت الشريعة غاية التحذير، من إتيان الكهان وسؤالهم وتصديقهم : إنَّ إتيانَ، أو سؤالَ، أو تصديقَ المنجمينَ والعرَّافِينَ والكُهَّان الذين يدَّعون الإخبارَ بعلم الغيب زورًا وبُهتانًا ويعبثون بعقول السُّذَّج والأغرار لِيَأخُذُوا أموالَهم ويُفسِدوا عقائدَهم، كلُّ ذلك ممَّا حرَّمَتْه النصوصُ الشرعيةُ والأدلةُ القطعيَّةُ، روى مسلمٌ في صحيحه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "مَنْ أتى عرَّافًا فسأله عن شيء لم تُقبَل له صلاةٌ أربعينَ ليلةً".
قال صاحب “فتح المجيد” رحمه الله: “ظاهر الحديث: أن الوعيد مرتبٌ على مجيئه وسؤاله، سواءٌ صدَّقه أو شكَّ بخبره”.
فاحذر -أيها المسلم- من المجيء إليهم، أو سؤالهم؛ فذلك من المحرَّمات الأكيدة والآثام القبيحة
معاشرَ المسلمينَ: ومَنْ صدَّق الكاهنَ ونحوَه فتصديقُه يجعله مُشارِكًا في عمله، معتقِدًا صحةَ قوله، والواجب اعتقاد بُطلان كلِّ مَنِ ادَّعى علم المستقبل؛ لأنَّه غيب مختص بالله -جل وعلا-، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث: "من أتى عرَّافًا أو كاهنًا فسأله فصدَّقه بما يقول، فقد كفَر بما أنزل على محمد"(أخرجه أحمد وأبو داود،
وفي رواية (فقد برئ بما أنزل على محمد) ولقد تبرأ من الكهان وممن يأتون إليهم ، رَوَى البَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبيَّ قَالَ ﴿لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ﴾ وَلَا يَقُولُ عَلَيْهُ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿لَيْسَ مِنَّا﴾ إِلَّا فِي عَظَائِمِ الإِثْمِ وَكَبائِرِ الذُّنوبِ ، وَقَدْ رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ، عَنْ مُعَاوِيَّةَ بنِ الحَكَمِ السلمي أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ ، قَالَ ﴿فَلَا تَأْتِهِمْ﴾
*فاعلموا عباد الله:-*
أن السحر داءٌ من الأدواء، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، « ما أنزَلَ اللهُ من داءٍ إلَّا أنزَلَ له شِفاءً،. »رواه البخاري،
*وعلاج السحر:-*
يكون بالرقية الشرعية، من كتاب الله، وسنة رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، كقراءة سورة الفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم البقرة، والإخلاص والمعوذتين، وآيات السحر، إلى غير ذلك من الآيات، التي فيها الشفاء، والعلاج، بإذن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-،،
*وأيضاً ما جاء من الرقى:-*
في السنة النبوية، ومن الأدعية المباركة، فهذا هو أحسن الأدوية، وانفعها لعلاج السحر،
نعم وقد ذكر العلماء، أن من أصيب بالسحر، عليه أن يأخذ سبع ورقات من شجرة السدر، ثم يدقها ويقرأ عليها، ثم يضعها في ماء، ويشرب من ذلك الماء، ويغتسل به، فإن في ذلك شفاء، بإذن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
*ومن علاج السحر أيضا:-*
أن المسحور، إذا عرف بمكان السحر، أن يتلفه، أن يتلفه، ويكون علاج السحر أيضاً كما سمعت عبد الله، بالأدعية وبالأذكار، وبالآيات وبالإلتجاء، إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-،.
أما ما يفعل بعض الناس، أنهم يحلون السحر، أنهم يعالجون السحر، بسحر مثله، فهذا حرام، لا يحل أبداً، ولا يجوز الذهاب إلى السحرة، وإلى المشعوذين، وإلى الكهنة وإلى العرافين، وإلى الدجالين،
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَن أتَى عرافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقولُ، فقد كفر بما أُنزِلَ على محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،» رواه أبو داوود والترمذي، والنسائي وصححه الألباني.
أسمعت عبد الله، أن من ذهب إلى السحرة، وإلى المشعوذين، فصدقهم بما يخبرون، وبما يقولون، فقد كفر بالقرآن الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، « ثلاثةٌ لا يَدخُلونَ الجنَّةَ: مُدمِنُ خَمرٍ، وقاطعُ رَحمٍ، ومُصدِّقٌ بالسِّحرِ،»
أسمعت، أن الذي يصدق بالسحر ويصدق السحرة، أن الجنة حرام عليه، وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ،« مَن أتى عَرَّافًا فسأَله عن شيءٍ لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعينَ يومًا .»، رواه مسلم،
هذا مجرد السؤال، أن الصلاة لم تُقبَلْ له أربعين يوما، أما إذا صدق الساحر، وأمن بالساحر، فهذا كفر والعياذ بالله.
*فيا أيها المريض:-
ويا أيها المُبتلى، فيا أيها المريض، ويا أيها المُبتلى، إن ثقتك بالساحر، أو المشعوذ، أشد بلاء، من مرضك، الذي أنت فيه،
فيا عبد الله، إذا بليت، فثق بالله، وارضا به، فهو الذي يكشف البلوى، هو الله الذي يكشف البلوى، هو الله، فارفع يديك إليه، ارفع يديك، إلى من يداويك، ارفع يديك، إلى من يداويك.
*﴿ أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾[النمل : ٦٢]*
*فيا عبد الله:-*
إذا ابتلاك الله -عزَّ وجل-، بشيء من السحر، إياك إياك، أن تذهب إلى السحرة، فتخسر بذلك الدنيا والأخرة، ولكن الجأ إلى الله، واكثر من الدعاء، وعليك بالأذكار وعليك بالرقية الشرعية، وعليك بالأدوية المباحة، فإن في ذلك الشفاء، وإن في ذلك العافية، وإن تأخر الشفاء، فإنه سيأتي.
لأن النبيُّ – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ –، قال: كما سمعت ما أنزَلَ اللهُ من داءٍ إلَّا أنزَلَ له شِفاء، والسحر داء، وقد أنزل الله له دواء، في كتابه، وفي سنة رسوله – عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ –، فثق بالله، ولجاء إلى الله، وتضرع إلى الله، حتى يعافيك الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
ألا فاتقوا الله ربكم، وأحسنوا به الظن والمعتقد وأحسنوا العمل، فربكم سبحانه رب الأرباب ومسبب الأسباب، وتداووا ولا تداووا بحرام.
اللهم اجعل تعلقنا بك، ورجاءَنا فيك، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اللهم احفظنا بحفظك ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين
ــــــــــــــالخطبة الثانيــــــــــــــــــــــــــــــــة
الحمد لله علم بالقلم وأنزل كتابه يهدي للتي هي أقوم ، أحمده - سبحانه - وأشكره على واقع العطايا وجزيل النعم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده. لا شريك له ذو الفضل والكرم ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله سيد العرب والعجم ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى ومصابيح الظُّلَم .. والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد ، أيها المسلمون
أيها المسلمون : داء من أدواء الدجل قديمًا ومشكلة من مشكلات العصر حديثًا ، وإنك لتعجب ممن رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ - صلى الله عليه وآله سلم - نبيًّا ورسولا .. تعجب ممن عرف ربه وعرف دين الحق وصح إيمانه وصدق توكله وتحقق توحيده ، كما تعجب من عصرٍ يوصف بالتقدم العلمي والعلم التجريبي - تقدم علمي وتقني في الأدوية والعلاج والوسائل - ومع هذا كله يسود هذا الداء وينتشر هذا البلاء ويعم هذا الخطر .. خطر يهدد المجتمع وعامل من عوامل تفكك الأسر وهدم العلاقات الاجتماعية وتقطيع أواصر القربى وإحلال الحق محل المحبة والخوف مكان الطمأنينة .. داء يزرع الاضطراب وينزع الثقة، بل إنه صورة من صور ضعف العقول ونقص التفكير .. ناهيكم بضعف الديانة وخلل العقيدة .
داء يمارسه الفسقة والأراذل ولا يرضاه الصادقون وأهل التقى ، إن نفوس من يقدم عليه تتصف بالخبث والدنائة والمكر تسلب كل الوسائل مهما خبثت وتقتحم السبل مهما انحطت .. ليس لصاحبه في الآخرة من خلاق ؛ فساد في الدين وشر في العمل وتهويل ودجل .. ذلكم عباد الله هو السحر والسحرة والكهانة والكهنة والدجل والشعوذة ..
الساحر شيطان من شياطين الإنس لا يحب الخير للناس .. نزعت الرأفة من قلبه والرحمة من نفسه .. همه المال وإيذاء الناس .. قبيح المسلك في أعماله ما يوقع في الكفر أو يوصل إليه :. ...وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ.... . (102 سورة البقرة).. لا يتوانى عن الكذب ولا يتورع عن الخداع والتلون
ايها العقلاء لو نظرنا الى مجتمعنا لوجدنا
ان من يصنع الساحر والمشعوذ والدجال
من يصنع السارق من يصنع المتلاعب باعراض الناس
من يصنع الدجالين والمشعوذين في بلادنا وهو المجتمع بنفسه
فلماذا المجتمع من يصنعهم ؟ اقول لكم
عندما يتحول الامر الى كلمة حالي حال نفسي مالي دخل بغيري
هنا نبدأ بصناعتهم !!
لأن الله تعالى يقول( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
فأين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لما يحدث في بلادنا في هذه الايام من تعلم لدجل والشعوذة؟
أليس هذا من المنكر بل من أكبر المنكرات والله، فإنه داع إلى الكفر بالله والخروج من دين الله.
فكيف بمن يدعون أنهم يعالجون بالرقية والقرآن وهم لا يجيدون قراءة الفاتحة؟
في ظاهر الامر يعالجون بالرقية وفي باطن الأمر يعالجون بالشعوذات والدجل والطلاسم!!
فأين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر؟
ايها الأحبة الكرام ونحن اليوم في بداية الطريق فإن كان هناك وقفة صادقة من أبناء المجتمع ضد هؤلاء الدجالين والمشعوذين ومن يذهبون إلى المشعوذين
فإن هناك الكثير من خبثاء النفوس
ممن يذهبون الى المشعوذين
فذاك يذهبون ليضر بأسرة فلان
وذاك يذهب ليضر بفلان
وذاك يذهب ليضر بمتجر فلان وما اكثر الخبيثين
وذاك يذهب ليتعلموا الدجل والشعوذات والعياذ بالله
فإن كان هناك وقفة صادقة ضد هؤلاء الدجالين والمشعوذين فوالله ان مجتمعنا سيكون بسلام وخير
وإن كان هناك تخاذل فقد جنينا على أنفسنا الويلات
فلنكن كما قال الله ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)
فإن ما يحدث اليوم في مجتمعنا من أكبر المنكرات
فهل من أمر بمعروف ونهي عن منكر لما يقوم به البعض؟
فاتقوا الله - رحمكم الله - وآمنوا به واعتمدوا عليه ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبيكم محمد رسول الله ؛ فقد أمركم بذلك ربكم فقال - عز قائلا عليما - في محكم تنزيله قولا كريما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). (56 سورة الأحزاب) ..
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين ، وارض اللهم عن الأربعة الراشدين والأئمة المهدين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن الصحابة أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك يا أكرم الأكرمين .
اللهم إن نسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى ،اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، ونسألك شكر نعتمك وحسن عبادتك ، ونسألك قلوبا سليمة وألسنة صادقة ، ونسألك من خير ما تعلم ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم .
اللهم اشف مرضانا،. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين .. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
