مَحَبَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم
الْخُطْبَة الأُوْلَى
الْحَمْد لِلَّه رَبّ الْعَالَمِين ، مَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِين بِأَنّ بَعَث فِيهِم رَسُولاً مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاتِه وَيُزَكِّيهِم وَيُعلِّمهم الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَإِنّ كَاْنُوا مَن قبلُ لَفِي ضلالٍ مُبِين .
وَأَشْهِد أن لا إلَه إلَّا اللَّه وَحَدَّه لا شَرِيك لَه العليُّ الْعَظِيم ، وَأَشْهِد أنَّ مُحَمْداً عَبْدَه وَرَسُوله الصَّادِق الْوَعْد الْأَمِين ؛ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه وَعَلَى آلِه وَصَحِبَه أَجْمَعِين .
أَمَّا بَعْد :
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُون عِبَاد اللَّه : اتَّقُوا اللَّه -تَعَالَى -، وَرَاقَبُوه -سُبْحَانَه - فِي السِّرّ وَالْعَلَن، وَالشَّهَادَة وَالْغُيَّب، مُرَاقَبَة مَن يَعْلَم أنَّ ربَّه يَسْمَعُه وَيَرَاه .
في ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم أتكلم عنه صلى الله عليه وسلم ووجوب محبته وطاعته صلى الله عليه وسلم.
عِبَاد اللَّه : إنَّ أَعْظَم القُرَب وأجلّ الطَّاعَات مَحَبَّة النَّبِيّ الْكَرِيم -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم - محبةً مقدَّمةً عَلَى مَحَبَّة النَّفْس وَالْوَالِد وَالْوَلَد وَالنَّاس أَجْمَعِين.
رَوَى الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم فِي صَحِيحَيْهِمَا عَن أَنَس بن مَالِك -رَضِي اللَّه عَنْه - أن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم - قَال : "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".
كَيْف لا - عِبَاد اللَّه - وَهْو سيِّد وَلَد آدَم، وَإِمَام الْوَرَى، وَقُدْوَة الْعَالَمِين، المَبْعُوثُ رَحْمَة لِلْعَالَمِين ؛ ليهديَ النَّاس إِلَى صِرَاط اللَّه الْمُسْتَقِيم، وَدِينَه الْقَوِيم، وَقَد بلَّغ الرِّسَالَة، وأدَّى الْأَمَانَة، وَنَصَح الْأُمَّة، وَجَاهَد فِي اللَّه حَقّ جِهَادِه حَتَّى أَتَاه الْيَقِين .
** علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم:
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُون : وَلَمًّا كَان لكلِّ دَعْوَى لا بُد مَن بُرْهَان يَدُلّ عَلَى صَدَّقَهَا فَإِن مَحَبَّة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم - لا بُد لِكُلّ مَن ادَّعاها لِنَفْسِه أن يحقِّق الْعَلَامَات وَالْبَرَاهِين الدَّالَّة عَلَى صَدَق الْمَحَبَّة وَثُبُوتُهَا وتحقُّقها.
وَأَعْظِم ذَلِكُم -عِبَاد اللَّه - اتِّبَاع هَدْيَه، وَلُزُوم نَهْجِه، وَالتَّمَسُّك بِسُنَّتِه صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه ، كَمَا قَال اللَّه -تَبَارَك وَتُعَالَى -: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [آل عِمْرَان :31]؛ فَهَذِه الْآيَة -مَعَاشِر الْمُؤْمِنِين - حاكمةٌ عَلَى كَلّ مَن ادَّعى مَحَبَّة النَّبِيّ -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - دُوْن عملٍ بِهَدْيِه ، أَو تَمَسَّك بِسُنَّتِه ، أَو لُزُوم لنهجه، بِأَنّ دَعْوَاه كَاذِبَة حَتَّى يتِّبعه -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - فِي الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال وَالْأَحْوَال .
رَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمِه الْأَوْسَط عَن أَبِي قُرَادٍ السُّلَمِيّ -رَضِي اللَّه عَنْه - قَال : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم - فَدَعَا بِطهُورٍ فَغَمَسَ يَدَهُ فِيهِ ثَمَّ تَوَضَّأَ، فَتَتَبَّعْنَاهُ فَحَسَوْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم -: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا صَنَعْتُمْ؟" قُلْنَا: حُبُّ اللهِ وَرَسُولِهِ.
قَالَ: "فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ يُحِبَّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ فَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ، وَاصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَحْسِنُوا جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكُمْ"
فبيَّن -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - أن مَحَبَّتِه -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم - عملٌ واتِّباع واهتداءٌ وَاقْتِدَاء بِهَدْيِه الْقَوِيم ونهجه الْمُبَارَك عَلَيْه صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُون : وَمَنّ عَلامات الْمَحَبَّة الْإِكْثَار مَن ذِكره -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم -، فإنَّ اللَّه أَعْلَى شَأْنِه ، وَرَفْع مَقَامَه ، وَرَفْع ذَكَرَه ، فَلا يُذكر -سُبْحَانَه وَتُعَالَى - إلَّا ويُذكر مَعَه -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -، ولاسيما فِي أَشْرَف الْمَقَامَات وَأَرْفَعِهَا كالأذان وَالْإِقَامَة وَالتَّشَهُّد وَنَحْو ذَلِك .
وَالْإِكْثَار مَن ذَكَر النَّبِيّ -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - يَكُون بِذِكْر مَنَاقِبِه الْعَظِيمَة ، وَشَمَائِلِه الْمُبَارَكَة ، وَأَخْلَاقِه الشَّرِيفَة ، وَآدَابِه الْفَاضِلَة ، وَسِيرَتِه العَطِرة، وَسُنَّتِه الْمُبَارَكَة ، صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه ؛ عنايةً بِهَا، ومدارسةً لَهَا، وحرصاً عَلَى الِاقْتِدَاء بِه صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه ، مَع الْإِكْثَار مَن الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْه صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه فِي كَلّ مَرَّة يُذكر فِيهَا -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم -.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُون : وَمَنّ عَلامات الْمَحَبَّة وَدَلَائِلَهَا مَحَبَّة رُؤْيَتِه -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -، ومودَّة ذَلِك ، وَالرَّغْبَة الشَّدِيدَة فِيهَا، رَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحِه مَن حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة -رَضِي اللَّه عَنْه - أنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم - قَال : "مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ".
وَهَذِه الْمَحَبَّة -عِبَاد اللَّه - لِرُؤْيَتِه -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم - تُثمر فِي الْعَبْد المحِب عزماً صادقاً، وعنايةً أَكِيدَة بِاتِّبَاع النَّبِيّ -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -، وَلُزُوم نَهْجِه -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم -، واتِّباعه بِإِحْسَان ؛ مِمَّا يُوَرَّث فَاعِل ذَلِك مُرَافَقَتُه -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - وَرُؤْيَتُه فِي الْجِنَان .
عِبَاد اللَّه : وَمَنّ عَلَامَات الْمَحَبَّة وَدَلَائِلَهَا مَحَبَّة مَن يُحِبّ -صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه -، وَمَحَبَّة مَا يُحِبّ ؛ وَهَذًّا مَن أَوْثَق عُرَى الْإِيمَان ، كَمَا صَحّ بِذَلِكُم الْحَدِيث عَنْه -صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه -، وَذَلِك بِأَنّ تحبَّ مَا يحبُّه -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - مَن الْأَعْمَال وَالْأَحْوَال وَالْآدَاب ، وَأَن تُبغض مَا يُبْغِضُه -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - مَن الْأَعْمَال وَالْأَحْوَال وَالْآدَاب ، وَأَن تحبَّ مَن يُحِبُّهُم -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - مَن الْأَشْخَاص ، وَأَن تُبْغِض مَن يُبغضهم مَن الْأَشْخَاص . وَلِيس بمحبٍّ مَن كَان يُحِبّ مَا يُبْغِض النبيُّ -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -، أَو يُبْغِض مَا يُحِبّ النبيُّ -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -.
عِبَاد اللَّه : وَمَنّ عَلَامَات الْمَحَبَّة : الْحَذَر مَن الْغُلُوّ فِيْه -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم -؛ فَإِنَّه نَهَى عَن ذَلِك ، وحذَّر مِنْه أَشَدّ التَّحْذِير ، وَالْأَحَادِيث فِي ذلكم كَثِيرَة ، رَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكِه عَن يَحْيَى بن سعيدٍ قَال : "كُنَّا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَجَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَحِبُّونَا حُبَّ الْإِسْلَامِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم -: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَرْفَعُونِي فَوْقَ قدْرِي، فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي عَبْدًا قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَنِي نَبِيًّا". وليُتأمل قَوَّلَه : "أَحِبُّونَا حُبَّ الْإِسْلَامِ"، فَإِنَّه -مَعَاشِر الْمُؤْمِنِين - هُو الْحَبّ النَّافِع لِصَاحِبِه ، أَمَّا حُبّ الْغُلَاة الْمُبْطِلَة فَإِنَّه حبٌّ يَضُرّ ولا يَنْفَع ، ويُقصي ولا يُدْنِي، ويُبعِدُ ولا يُقرِّب.
فلنحذر مَن الْغُلُوّ بِكَافَّة صُوَرِه وَجَمِيع أَشْكَالِه ، وَلَّنَحَرص عَلَى الِاتِّبَاع لِهَدْي نَبِيِّنَا الْكَرِيم -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -، وَالْمُلَازَمَة لِسُنَّتِه ، وَالْبُعْد عَن الْبِدَع وَالْأَهْوَاء . أَعَاذَنَا اللَّه أَجْمَعِين مَن الْبِدَع المطغية، وَالْأَهْوَاء الْمُرْدِيَة ، وَأَصْلِح لَنَا شَأْنِنَا كُلّه، وَأَعَاذَنَا مَن شُرُور أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَات أَعْمَالِنَا، وَشَرّ كلِّ دَابَّة هُو آخُذ بِنَاصِيَتِهَا، إنَّه -تَبَارَك وَتُعَالَى - سَمِيْعٌ قريبٌ مُجِيب .
الْخُطْبَة الثَّانِيَة :
الْحَمْد لِلَّه حَمْداً كَثِيْراً طَيَبَاً مباركاً فِيْه كَمَا يحبُّ ربُّنا وَيُرْضَى، وَأَشْهِد أنَّ لا إلَه إلَّا اللَّه وَحَدَّه لا شَرِيك لَه ، وَأَشْهِد أنَّ مُحَمْداً عَبْدَه وَرَسُوله؛ صَلَّى اللَّه وسلَّم عَلَيْه وَعَلَى آلِه وَصَحِبَه أَجْمَعِين .
أَمَّا بَعْد :
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُون عِبَاد اللَّه : اتَّقُوا اللَّه -تَعَالَى -، وَرَاقَبُوه -سُبْحَانَه - مُرَاقَبَة مَن يعلمُ أنَّ ربَّه يَسَمَعُه وَيَرَاه .
عِبَاد اللَّه : وَالْمَحَبَّة تاجٌ عَلَى رؤوس أَهْل الْإِيمَان ، وشرفٌ عَظِيم ووسام، وفخرٌ لِمَن وَفْقِه اللَّه -تَبَارَك وَتُعَالَى - بِذَلِك الْإِنْعَام ، لَكِن هَيْهَات -عِبَاد اللَّه - أنْ تَكُون الْمَحَبَّة بِدْعَاً ومحدثاتٍ وطقوساً مَا أَنْزَل اللَّه بِهَا مَن سُلْطَان .
لَقَد شرَّف اللَّه الصَّحَابَة الْكِرَام بِالْمَحَبَّة لِلنَّبِيّ -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - بِأبَهى حُلَلِها وَأَجْمَل صُوَرها، وَلَمّ يُرَ عَلَى واحدٍ مِنْهُم شيءٌ مَن تِلْك الْأَحْوَال الْفَاسِدَة ، وَالْأَعْمَال الْخَاطِئَة ، الَّتِي إِنَّمَا نَشَأَت ووُجدت بَعْد قرونٍ مَن قَرَن الصَّحَابَة رَضِي اللَّه عَنْهُم وَأَرْضَاهُم ؛ فَلَنَحَذَر -عِبَاد اللَّه - مَن جَمِيع الْبِدَع ، وَإِنّ كَانَت قَد أَرَاد بِهَا أَصْحَابِهَا إظْهَار مَحَبَّة النَّبِيّ -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -.
إنَّ إظْهَار الْمَحَبَّة قصدٌ حسَن، وَمُرَاد طيِّب، وَلَكِن لا يَكُون إلَّا بِفِعْل مَا جَاء عَنْه وَصِح عَنْه -صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه -، لأَنّ كَلّ عملٍ لَيْس عَلَى هَدْي النَّبِيّ الْكَرِيم -صَلَوَات اللَّه وَسَلَامِه عَلَيْه - وَلَا عَلَى نَهْجِه الْقَوِيم مَرْدُود عَلَى صَاحِبِه ، وَإِنّ فِعْلِه بِزَعْم إظْهَار مَحَبَّة النَّبِيّ الْكَرِيم -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام -
وَإنَّا لِنَسْأَل اللَّه الْعَظِيم ، بِأَسْمَائِه الْحُسْنَى، وَصِفَاتُه الْعُلَى، أنْ يَرْزُقَنَا أَجْمَعِين مَحَبَّة النَّبِيّ الْكَرِيم -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - مَحَبَّة صَادِقَة يَجْمَعُنَا اللَّه -سُبْحَانَه وَتُعَالَى - بِهَا بِنَبِيِّنَا الْكَرِيم -عَلَيْه الصَّلَاة وَالسَّلَام - فِي جَنَّات النَّعِيم ، فِي مَقْعَد صدقٍ عِنْد مليكٍ مُقْتَدِر ، وَأَن يعيذَنا أَجْمَعِين مَن الْبِدَع الْمُحْدَثَات ، وَالْأَهْوَاء المُطَغِيَاْت، وَالْفِتَن بِأَنْوَاعِهَا؛ إنَّه -تَبَارَك وَتُعَالَى - سَمِيع الدُّعَاء ، وَهْو أَهْل الرَّجَاء ، وَهْو حَسْبُنَا وَنَعَم الْوَكِيل .
وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم اللَّه - عَلَى مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه، كَمَا أَمَرَكُم اللَّه بِذَلِك فِي كِتَابه فَقَال : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فاللهم صلِّ وَسُلِّم عَلَى محمدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّد وَارْض اللَّهُمّ عَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدِين الْأَئِمَّة المهديِّين، وَارْض اللَّهُمّ عَن الصَّحَابَة أَجْمَعِين ، وَعَنّ التَّابِعِين ، ومَن تَبِعَهُم بِإِحْسَان إِلَى يُوم الدّيْن، وعنَّا مَعَهُم بمنّك وَكَرَمِك وَإِحْسَانُك يَا أَكْرَم الْأَكْرَمِين .
اللَّهُمّ أعزَّ الإسَلْام وَالْمُسْلِمَيْن ، اللَّهُمّ اُنْصُر مَن نَصْر دَيْنَك وَكِتَاْبِك وَسُنَّة نَبِيِّك مُحَمْدٍ -صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسُلِّم -.
اللَّهُمّ اُنْصُر إخْوَانِنَا الْمُسْلِمِين الْمُسْتَضْعَفِين فِي كَلّ مَكَان، اللَّهُمّ انصرهم فِي فِلَسْطِين وُفِّي كَلّ مَكَان، اللَّهُمّ كِنّ لَهُم نِاْصِراً وَمُعِيْنا وَحَاْفِظَاً ومؤيِّدا، اللَّهُمّ احفظهم مَن بَيْن أَيْدِيهِم وَمَنّ خَلْفَهُم وَعَنّ أَيْمَانِهِم وَعَنّ شَمَائِلِهِم ، اللَّهُمّ احفظهم بِمَا تَحْفَظ بِه عِبَادَك الصَّالِحِين .
اللَّهُمّ آمَن رَوْعَاتِهِم ، واستُر عَوْرَاتِهِم ، واحقِن دِمَاءَهُم يَا رَبّ الْعَالَمِين ، اللَّهُمّ وَعَلَيْك بأعداء الدّيْن فَإِنَّهُم لا يعجزونك، اللَّهُمّ إنَّا نَجْعَلُك فِي نُحُورِهِم ونعوذ بِك اللَّهُمّ مَن شُرُورِهِم .
اللَّهُمّ آتِ نُفُوسُنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْت خَيْر مَن زَكَّاهَا، أَنْت وليُّها وَمَوْلَاهَا. اللَّهُمّ إنَّا نَسْأَلُك الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّة والغنى ، اللَّهُمّ إنَّا نَسْأَلُك حبَّك، وحبَّ مَن يُحِبُّك، وحبَّ الْعَمَل الَّذِي يقرِّبنا إِلَى حبِّك.
اللَّهُمّ اغْفِر لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِلَمُسَلِمِين وَالْمُسْلِمَات ، وَالمُؤمَنِيْن وَالْمُؤْمِنَات ، الْأَحْيَاء مِنْهُم وَالْأَمْوَات ، رَبَّنَا إنَّا ظَلَمْنَا أَنْفُسِنَا وَإِنّ لَم تَغْفِر لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنّ مَن الْخَاسِرِين .
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وُفِّي الْآخِرَة حَسَنَة وَقِنًّا عَذَاب النَّار .
وَآخِر دَعْوَانَا أنْ الْحَمْد لِلَّه رَبّ الْعَالَمِين .